حل برلمان 73 خطيئة والحكومة مسئولة عن تكريس الطائفية
وجدت الوفاق التصريحات التي أدلها بها سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة لصحيفة السياسية الكويتية حول المطالبات الوطنية بإرجاع العمل بالدستور والمطالبات الوطنية بالإصلاح والتي نشرتها الصحافة المحلية بتاريخ الثاني من شهر ديسمبر 2007م بأنها غير موفقة ومنافية للواقع والتاريخ النضالي لشعب البحرين، إذ تلخص الوفاق تعليقاتها على اللقاء الصحافي بالتالي:
أولا: الاستقلال والحياة البرلمانية:
لقد صوت الشعب في القرى والمدن على عروبة البحرين وأن تكون دولة عربية مستقلة، وارتبطت العملية السياسية بالمطالبة بالعمل البرلماني بعد انتخاب الهيئة التأسيسية وذلك بقرار وطني خالص، ومن بعده البرلمان الذي بدأ يحاسب الحكومة على المال العام ويضع التشريعات الوطنية ويرفض ما يمس حرية الشعب، إلا أن الحكومة انقلبت على الشعب في العام 1973 بحجة رفض قانون أمن الدولة الذي عرض على البرلمان، وكذلك إستئثارا منها للهيمنة على صرف السيولة المالية الضخمة في تلك الفترة دون رقيب أو حسيب وهو الامر الذي أفرز الطبقات الغنية المتنفذة مقابل الطبقات المحرومة الفقيرة في كل مناطق البحرين.
نحن لا نوافق سمو رئيس الوزراء في ما ذكره بشأن رجوعه لمشورة ونصيحة أهل العقد والربط في حل برلمان العام 1973، فهي إن كان هذا الحل راجعا لمشورة ما فهي مشورة غير سديدة وهي مشورة أصابت العمل الوطني البرلماني في مقتل تسبب بأزمات سياسية كبيرة للبحرين في تاريخها الحديث حرمها من التقدم للأمام في التنمية والاقتصاد، وعدالة توزيع الثروة وغيرها من مقومات الحياة العصرية.
ثانيا: المواجهة الأمنية للمطالبات الوطنية بالاصلاح:
لقد شهد التاريخ والمواطنون معا على الحقبة الدموية السابقة في العمل الوطني حينما واجهت فوهات البنادق صدور المواطنين الذين كانوا يتظاهرون للمطالبة بإرجاع العمل بالدستور العقدي للبلاد بعد تقديم العريضة الوطنية النخبوية والعريضة الأخرى الشعبية.
كما يعلم الجميع بما في ذلك المراقبون الدوليون الذين أنزعج من شهادتهم سمو رئيس الوزراء أن المعالجات القمعية الدموية لمطالبات المواطنين بالحرية والديموقراطية لم تكن الحل الأنجع لحل المشكلة وهو أدى لاستفزاز المواطنين في عدد كبير من مناطق البحرين للخروج في مسيرات احتجاج كبيرة في انتفاضة شعبية وطنية لم يشهد لها البلاد مثيلا والتي قوبلت بقمع أكبر من قبل الحكومة الأمر الذي أدى لسقوط عدد من كواكب وزهرات شباب هذا الوطن لا لذنب سوى مطالبتهم بالإصلاح وبحياة أفضل من الواقع المأسوي الذي يعطي المتنفذين منحا لا تتوقف من المال العام بينما يضل السواد الأعظم جائعا وعاريا من شعب البحرين في كل مناطقه سنة وشيعة.
وكم كنا ونحن جزء كبير من النضال الوطني مع الأشقاء في التيارات الوطنية الأخرى نتمنى أن يستيقظ الضمير لدى المسئولين الحكوميين المعنيين بالملف الأمني في تعاملهم مع أبناء وطنهم في ساحات المطالبات الوطنية، ولكننا للأسف الشديد ما رأينا إلا تسديدا للبنادق التي يحملها المرتزقة الذين جلبوهم من أصقاع الأرض على صدور المواطنين المعترضين على الظلم وقتلا للمعتقلين بأبشع الصور في غرف التعذيب وإمعانا في إهانة العدد الكبير جدا في سجونه والذي قدر بآلاف عن طرق محكمة الظلم لأمن الدولة.
ويعلم الجميع ولا مواربة في ذلك كم كانت رخيصة لدى الحكومة كرامة المواطنين حتى في سكنهم الذي لم يسلم من المداهمات الليلية وغيرها والإهانات التي كان يتلقاها المواطنون باستمرار في الطرقات وغيرها من قبل المرتزقة من شرطة مكافحة الشغب والذين لا يعلم السواد الأعظم منهم اللغة العربية، ناهيك عما ينتهي له عدد كبير من المواطنين من المطاف باعتقال طويل دون تحقيق او محاكمة، فهل كانت هذه هي الحكمة في معالجة الأزمة التي يتحدث عنها سمو رئيس الوزراء؟!
وربما يجدر بالحكومة أن تستذكر أبوابها المفتوحة التي قصدها عدد كبير من المواطنين والأعيان وأهل الرأي والمشورة التي طالبوا في لقاءات متعددة الحكومة بالعقلنة في مواجهة مطالب الموطنين والحركة الوطنية الدستورية، ولكن الآذان الحكومية كانت مصمتة ولا تريد سمع أي رأي آخر سوى تأييد القمع والاضطهاد لأصحاب الرأي والموقف السياسي الوطني الصادق المطالب بالإصلاح.
ودائماً يعلق الفشل الحكومي في تحسين أوضاع الناس المادية وفي تغيبهم عن المشاركة في اتخاذ القرار على أجندة خارجية وهي شماعة كل السياسات الفاشلة ويعلم الله ويعلم أبناء البحرين جميعاً أن مطالبة العودة لدستور 73 وتفعيل المجلس الوطني لم تكن إلا مطالب نتجت من توافق أبناء البحرين سنة وشيعة وعلمانيين وإسلاميين و ما أدى ذلك من الاستجابة المنقطعة النظير لمشروع ميثاق العمل الوطني عندما بشر بالعودة إلى الحياة الديمقراطية، فلو كان مشروعاً ذا أجندة خارجية لما هبت الجماهير لعقد مصالحة وطنية صادقة ولا صرت على أجندتها الخارجية المزعومة.
يا صاحب السمو .. لقد جانب حديثكم الدقة في موضع آخر فما تعيشه البحرين اليوم ناتج انفتاح وتطور في المجال الإنساني وفي مجال الحريات وفي المجال الاقتصادي فهو راجع إلى مبادرة جلالة الملك في ميثاق العمل الوطني، وإستجابة كافة شرائح المجتمع البحريني الحر لهذه المبادرة، ولما أنعم الله علينا من زيادة أسعار النفط وعودة رؤوس الأموال بعد الحادي عشر من سبتمبر.
إن المطالبات الوطنية الصادقة في انتفاضة الكرامة في التسعينات من السنة والشيعة وما واكبها من سقوط لزهرات وكواكب الشباب المناضل كانت سببا لا ينكر في حركة الإصلاح التي بدأت والتي نتمنى أن تتسع لتواكب الوعود بالإصلاح الدستوري الذي يعطي المجلس النيابي الصلاحية الكاملة في التشريع والرقابة كما هو الحال مع الديموقراطيات العالمية الراقية.
ولعله من المفيد دائما أن ننشط الذاكرة بأن القوى الوطنية قد تناست جراحاتها الأليمة السابقة وانخرطت بسرعة في مبادرة وطنية واضحة وفقا لميثاق العمل الوطني بالضمانات التي يسجلها التاريخ بأن يكون اختصاص البرلمان حصريا بالتشريع والرقابة وأن يكون مجلس الشورى للمشورة دون أي امتياز يفوق ذلك .
ثالثا: التكتلات الطائفية:
يستثيرنا جدا عندما تتحدث حكومة على التكتلات الطائفية أو الممارسات الطائفية، في حين أنها اللاعب الأكبر في ترسيخ هذه الطائفية البغيضة بين أبناء الشعب الواحد ولا أدل على ذلك من توزيعها –الحكومة- للدوائر الانتخابية على أساس طائفي، وكذلك التعيينات في شتى المناصب في الدولة مع تفضيل لأفراد العائلة الحاكمة في ذلك.
وحتى على صعيد الانتخابات حينما تحالفت القوى الوطنية فيها والتي جمعت الشيعة والسنة من المعارضة لتشكيل الجبهة الوطنية البرلمانية فقد سعدت الحكومة وعن طرق مختلفة من اجل ان تفرز العملية الانتخابية كتلة برلمانية سنية مقابل كتلة برلمانية شيعية والعكس صحيح، وقد ناهضت الحكومة أمام الرأي العام وبشكل عنيف أي فرص لفوز الشخصيات الوطنية المعارضة السنية في محاولة منها لتصوير المشهد السياسي بالبرلمانيين السنة الموالين مقابل البرلمانيين الشيعة المعارضين في البرلمان.
جمعية الوفاق الإسلامية
3 / 12 / 2007 م
المصدر : موقع ا لوفاق الإلكتروني
http://www.alwefaq.org